الأربعاء، 1 أكتوبر 2008

لا تقف مكتوف الكلمات !




لا تتردد

لا يوجد مبرر للتردد والتأخير،

إذهب الآن، وأحكي عما يعتلج في صدرك،

إحك بلا توقف.

فأنت تعرض حياتك للتعاسة،

لا تنظر لي بهذه النظرات الساخرة،

أعلم ما يدور بداخلك،

أجل أنت تعرض حياتك للتعاسة،

حتى إذا كنت مقتنعاً مسبقاً ومسلماً بتعاستك،

فإنك بهذا التردد تضيّع الفرصة لإنتشالك من هذه التعاسة.

اذهب يا رجل وأفض لها بهذا الشعور الجميل،

لا تؤطّر مشاعرك بكلمة واحدة، فكلمة حُبْ.ربما تكون أقل مما يجب،

المشاعر العظيمة الصادقة لا تقاس بالكلمات.

اذهب وأخبرها بالسرور الذي يضيء من خلال مسامات جسمك،

اخبرها برائحة الياسمين التي تفوح في أرجاء المكان عندما تمر به،

قل لها صباح الخير في المساء،

وإن تعجبت أخبرها بأن إشراقتها أحالت العتمة إلى نور.

أخبرها عن السحابة البيضاء التي تسبح في بحر السماء.

عن لذة النسيم المنعش في منتصف يوم قائض،

عن مداعبة السماء للأرض بأول أمطار الشتاء،

عن عناقها للأرض بقوس قزح،

عن الورود التي تتفتح لتحظى بفرصة رؤيتها،

عن الفراشات التي إستيقظت في هذه اللحظة من سبات الشرنقة،

أخبرها عن لحظات الفرح، عن جميع الأشياء الجميلة التي مرت بحياتك،

وقل لها أنها توحدت وتجسدت في أنثى فاتنة هي أنتِ.

لا تقف مكتوف الكلمات !


لا تقف مكتوف الأيدي،

أتعلم، إن أمكنك أن تمسك بيدها، ستكون قد قطعت شوطاً كبيراً فيما أنت ذاهبٌ إليه.

أجل، فقط فكر فيما أنت تمسك بيدها بمشاعرك تجاهها،

للملامسة لغة حسيّة أرقى من الكلمات الرازحة تحت ثقل النقاط واليسير من المشاعر.

لا تخجل، أنت تعلم أنها اللغة الوحيدة التي تستطيع أن تنقل من خلالها نبضات قلبك، ودفء الدماء التي تجري بداخلك.

أما الحروف المزخرفة بالنقط وعلامات الترقيم فهي باردة، باردة يا رجل.

أمسك بيديها، ففي الملامسة يمكن للقلبين أن يشعران ببعضهما، أن يكونا أقرب، أن يتحدان.

إلمس فرحك، أمسك فرحك، أحضنه، لا تدع البسمة تهرب من شفتيك.

لا تدع الربيع يرحل مخلفاً وراءه رجل يتساقط كأوراق شجرة خريفية، هو أنت.
.
.
* تحية للأخت الكريمة مسك،
لإبداعها في عمل اللوحة.

الاثنين، 1 سبتمبر 2008

حَيَ جِدّاً !

لا تيأس !!
كل ما حدث لك كان من الطبيعي حدوثه.
فلا تيأس، أنت قاتلت حتى النهاية وعندما نفذت آخر طلقاتك لم تستسلم بل قاتلت بيديك العاريتين حتى انتهى كل شيء.
أما شعورك بأن القتال كان بلا نتيجة، فتأكد بأنه لا يوجد خلل ما - على الاقل من ناحيتك أنت ! -.
يجب أن تثق أن هناك إنتصاراً في هذه الهزيمة، إنتصارك أنت.
لا تنظر لي هكذا، نعم أنت منتصر، فالأخطاء الفادحة لم تبدر منك.
لم تتهاون كما فعل الآخرون، أنت وحدة بنائية منتصرة في بناء مهزوم .
تستطيع أن تبتسم، أعلم أن العبارة الأخيرة راقت لك كثيراً .
نعم أنت وحدة بنائية منتصرة في بناء مهزوم، وفي الخيبات العامة يجب ألا تنظر لأخطاء الآخرين، الأحرى بك أن تنظر لما قدمت من جهد وليكن هذا عزاؤك فيما حدث.
ولا ضير أن تحتفل داخلياً بهذا الإنتصار المصغّر الذي تم في نهاية تلك المواجهة.
أو على الأقل أن تنام دونما حاجة لعدّ خراف الخيبات التي تقفز من سياج الذاكرة.
نم ..يمكنك أن تنام الآن، لا بد أن تنام فهذا هو اليوم الثاني على التوالي الذي يمضي وأنت مستلقي على سريرك للنوم ولكن دون جدوى.
أغمض عينيك الآن، هل ترى ؟ انظر لذلك الذي يمتطي المهرة الجامحة. إنه أنت، أجل أنت وهذه الحواجز التي تقفزها هي الخيبات الأخيرة التي خلفت في نفسك عواطف وذكريات.
أنت تجتازها، إنظر هي ورائك الآن، تستطيع أن تعدها معي، نعم عدّ معي ..
نااااااااام.
لن تصدق بعد أن تستيقظ أنك إستطعت أن تنام رغم كل ما حدث ورغم احساسك العميق بالخيبة والإحباط.
ستغتسل وعندما تمسح وجهك بيديك تجد أنك تضغط عليه -لاشعورياً- بكل قوه.
وكأنك تحاول مسح آثار الخيبة المتبقية عليه !!.
تنظر للمرآه، وتضحك ببلاهة متأملاً تعابير وجهك.
ستعتقد أن حالةً من التبلد قد أصابتك، وإلا كيف إستطعت أن تنام ؟! وكيف تجرّأت على الضحك ؟!!.
ولكن الحياة ليست سوى تجارب يكون النجاح والفشل فيها نسبياً لا مطلقاً.
نعم إن الحياة هي أن تجرّب، أما الأشخاص الملتزمون بالسير على نهج الآخرين فهم مقلدون يعيشون حياة الآخرين.
وكما يقول أندريه جيد : " إنهم ينهون حياتهم دون أن يعانوا شعوراً صادقاً ، حياً ، يتخيلون أنهم يحبون ويتألمون . إن موتهم ذاته تقليد . ".نعم إن الحياة هي أن تجرب وتحس بالفشل والنجاح.وأنت يا سيدي حيّ، أجل حيّ، حيّ جداً !!.

الأحد، 31 أغسطس 2008

الحلزون !




هل رأى أحدكم قوقعتي ؟

همممم، لا أستطيع بالضبط أن أتذكر أين تركتها في آخر مره. لم أكن أعلم أنني سأحتاجها مرةً أخرى، يا لي من غبي.

غبي ؟! هه لا بل حلزونٌ غبي، لتكتمل صفة الغباء ببطء. يقال بأن إدراك الحلزون لضعفه، نوع من أنواع القوة.

أما أنا حلزونٌ غبي، ضعيف، رخو، لم أدرك هذا عندما تركت قوقعتي. كانت تحميني أثناء إنخفاض درجات الحرارة، ومن عبث الكائنات الأخرى. لم أكن كباقي الحلزونات التي تحمل قواقعها بسلام، لم أكن أريد أن أتقبل العالم كـ حتمية. كنت طائشاً، ثورياً أراد التحرر فبدأ بهدم جدران بيته. كنت أريد أن أستمر برحلتي إلى أقصى الوجود. أن أعرف من أنا ؟ أن أكتشف إذا ما كانت توجد هناك حياة أخرى خارج هذا المكان الواسع، إذا ما كان سلوكنا فطرياً أم هو عبارة عن عاداتٍ يحكمها المجتمع. إذا ما كان الحب هو ما يوّحد الأشياء !

آه .. ، الآن فقط أتذكر.كنت قد غادرت قوقعتي لأختبر هذا الشيء، كانت فاتنة في تلك الليلة التي كان سنا البدر ينعكس على قوقعتها الصافية كـ فضة. كل ما حولنا كان يغري بالحب، كانت رائحة أنفاسها تدوّخني تجعلني لا أسيطر على تصرفاتي أو أقوالي ، كـ بخور صوفيّ.

كانت فكرة الإتحاد بجسمها الرخو تسيطر علي شيئاً فشيئاً، أعلم بأن الحلزونات لا تمارس الحب إطلاقاً، إنما هي كائنات خُنثى تضع بيضها بنفسها، وكأنها منذورة للوحدة واللا أحد . لكن في تلك الليلة كانت تسيطر علي فكرة ممارسة الحُب معها، الإلتصاق بها،أردت أن أحتضنها حتى نتحد، ونتنفس برئةٍ واحدة، أن نكون بروحٍ واحدة. هل الحب هو ما يوحد الأشياء فعلاً ؟! كما قال أحدهم.*

يالهذا البرد القارس، أين تركت قوقعتي ؟هذا هو اليوم الخامس على التوالي الذي أغرق فيه بالبحث عنها وأغرق أكثر بالأسئلة اللا نهائية. وبفلسفة الأشياء من حولي، فالحلزون هو مقياس كل شيء**

الحب والكره، الخير والشر كل هذه الأشياء تخضع لمقاييسنا نحن، وبحسب حاجاتنا. ولكن هل رأى أحدكم قوقعتي ؟!
لا أحتمل أن أُرى ضعيفاً عارياً هكذا أمام الجميع،أعلم بأنكم جميعاً ضعفاء وتحاولون إخفاء هذا الضعف، أنا أيضاً كذلك، ولكن هناك لحظات سحرية نكون فيها مع من نحب، نكون معه . اممم أقصد لدرجة أن نكون معه ضد الجميع، حتى أنفسنا.

هناك لحظات نحتاج فيها أن نكشف حجم ضعفنا، أن نكشف حجم خوفنا، نحتاج أن نبوح بهذا السر لأحدهم. أن نخرج من قوقعتنا ونرقص عراةً تحت ضوء القمر. ولكن دائماً هنالك خيبات تجعلنا نبحث عن قوقعتنا لنلجأ إليها من الجميع، وبالأخص ممن نحب. نصعق دائماً في النهاية عندما نكتشف أنهم الأقدر على سحقنا، فنحن أمامهم مجرد حلزونات بلا قواقع. أين قوقعتي ؟ هل رأى أحدكم قوقعتي ؟

كفاكم ضحكاً وسخرية.. جميعكم حلزونات رخوة ضعيفة، لا تجرؤ على الخروج من قوقعتها.وتتحدثون عن الحرية، إن حريتكم زائفة تماماً كعقولكم.فالحرية ليست أن تكون لك قوقعة أكثر إتساعاً من الآخرين !الحريّة هي الحب الذي يجعلنا نقف عراةً أمام من نحبهم.

* " مايوحد الأشياء هو الحب، ما يفرقها هو الكره."أمفيدوكليس [434-494 ق.م]
** "الإنسان مقياس كل شيء."بروتاغوراس [420-487 ق.م]